أقول: هذا جواب عن استدلال الشيخ أبي علي بن سينا على ثبوت الإمكان، فإنه قال: لو كان الإمكان عدميا لما بقي فرق بين نفي الإمكان والامكان المنفي لعدم التمايز في العدمات، والجواب المنع من الملازمة فإن الفرق واقع ولا يستدعي الفرق الثبوت كما في الامتناع.
المسألة السابعة والعشرون في الوجوب والامكان والامتناع المطلقة قال: والوجوب شامل للذاتي وغيره وكذا الامتناع.
أقول: الوجوب قد يكون ذاتيا وهو المستند إلى نفس الماهية من غير التفات إلى غيرها، وقد يكون بالغير وهو الذي يحصل باعتبار حصول الغير والنظر إليه، فإن المعلول لولا النظر إلى علته لم يكن واجبا بها، فالوجوب المطلق قد انقسم إلى ما بالذات وإلى ما بالغير وهو شامل لهما، وكذا الامتناع شامل للامتناع الذاتي وللعارض باعتبار الغير، وليس عموم الوجوب عموم الجنسية وإلا تركب الوجوب الذاتي بل عموم عارض ذهني لمعروض ذهني.
قال: ومعروض ما بالغير منهما ممكن.
أقول: الذات التي يصدق عليها أنها واجبة بالغير أو ممتنعة بالغير فإنها تكون ممكنة بالذات، لأن الممكن الذاتي هو الذي يعتوره الوجوب والامتناع ولا يمكن أن يكون الواجب بالغير واجبا بالذات ولا ممتنعا بالذات، وكذا الممتنع بالغير فقد ظهر أن معروض ما بالغير من الوجوب والامتناع ممكن بالذات.
قال: ولا ممكن بالغير لما تقدم (1) في القسمة الحقيقية.
أقول: لا يمكن أن يكون هاهنا ممكن بالغير كما أمكن واجب وممتنع بالغير، لأنه لو كان كذلك لكان المعروض للامكان بالغير إما واجبا لذاته أو ممتنعا لذاته،