أقول: العلم بالعلة يقع باعتبارات ثلاثة، الأول: العلم بماهية العلة من حيث هي ذات وحقيقة لا باعتبار آخر، وهذا لا يستلزم العلم بالمعلول لا على التمام ولا على النقصان.
الثاني: العلم بها من حيث هي مستلزمة لذات أخرى وهو علم ناقص بالعلة فيستلزم علما ناقصا بالمعلول من حيث إنه لازم للعلة لا من حيث ماهيته.
الثالث: العلم بذاتها وماهيتها ولوازمها وملزوماتها وعوارضها ومعروضاتها وما لها في ذاتها وما لها بالقياس إلى الغير، وهذا هو العلم التام بالعلة وهو يستلزم العلم التام بالمعلول فإن ماهية المعلول وحقيقته لازمة لماهية العلة، وقد فرض تعلق العلم بها من حيث ذاتها ولوازمها.
المسألة الثامنة عشرة في مراتب العلم قال: ومراتبه ثلاث.
أقول: ذكر الشيخ أبو علي (1) أن للتعقل ثلاث مراتب: الأولى: أن يكون بالقوة المحضة وهو عدم التعقل عما من شأنه ذلك. الثانية: أن يكون بالفعل التام كما إذا علم الشئ علما تفصيليا. الثالثة: العلم بالشئ إجمالا كمن علم مسألة ثم غفل عنها ثم سئل عنها فإنه يحضر الجواب عنها في ذهنه، وليس ذلك بالقوة المحضة لأنه في الوقت عالم باقتداره على الجواب وهو يتضمن علمه بذلك الجواب وليس علما بها على جهة التفصيل وهو ظاهر.
المسألة التاسعة عشرة في كيفية العلم بذي السبب قال: وذو السبب إنما يعلم به كليا.