المكلف إذا علم أن المكلف لا يطيع إلا باللطف، فلو كلفه من دونه كان ناقضا لغرضه كمن دعا غيره إلى طعام وهو يعلم أنه لا يجيبه إلا إذا فعل معه نوعا من التأدب، فإذا لم يفعل الداعي ذلك النوع من التأدب كان ناقضا لغرضه، فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض.
قال: فإن كان من فعله تعالى وجب عليه وإن كان من المكلف وجب أن يشعره به ويوجبه وإن كان من غيرهما شرط في التكليف العلم بالفعل.
أقول: لما ذكر وجوب اللطف شرع في بيان أقسامه وهو ثلاثة: الأول: أن يكون من فعل الله تعالى، فهذا يجب على الله تعالى فعله لما تقدم. الثاني: أن يكون من فعل المكلف، فهذا يجب على الله تعالى أن يعرفه إياه ويشعره به ويوجبه عليه.
الثالث: أن يكون من فعل غيرهما، فهذا ما يشترط في التكليف بالملطوف فيه العلم بأن ذلك الغير يفعل اللطف.
قال: ووجوه القبح منتفية والكافر لا يخلو من لطف والأخبار بالسعادة والشقاوة ليس مفسدة.
أقول: لما ذكر أقسام اللطف شرع في الاعتراضات على وجوبه مع الجواب عنها، وقد أورد من شبهات الأشاعرة ثلاثة:
الأولى: قالوا: اللطف أنما يجب إذا خلا من جهات المفسدة لأن جهات المصلحة لا تكفي في الوجوب ما لم تنتف جهات المفسدة، فلم لا يجوز أن يكون اللطف الذي توجبونه مشتملا على جهة قبح لا تعلمونه فلا يكون واجبا. وتقرير الجواب أن جهات القبح معلومة لنا لأنا مكلفون بتركها وليس هنا وجه قبح وليس ذلك استدلالا بعدم العلم على العلم بالعدم.
الثانية: أن الكافر إما أن يكلف مع وجود اللطف أو مع عدمه، والأول باطل وإلا لم يكن لطفا لأن معنى اللطف هو ما حصل الملطوف فيه عنده، والثاني إما أن يكون عدمه لعدم القدرة عليه فيلزم تعجيز الله تعالى وهو باطل، أو مع وجودها