والدليل على ثبوت كونه تعالى سميعا بصيرا السمع، فإن القرآن قد دل عليه وإجماع المسلمين على ذلك. إذا عرفت هذا فنقول: السمع والبصر في حقنا أنما يكون بآلات جسمانية وكذا غيرهما من الادراكات، وهذا الشرط ممتنع في حقه تعالى بالعقل فإما أن يرجع بالسمع والبصر إلى ما ذهب إليه أبو الحسين، وإما إلى صفة زائدة غير مفتقرة إلى الآلات في حقه تعالى.
المسألة السادسة في أنه تعالى متكلم قال: وعمومية قدرته تدل على ثبوت الكلام والنفساني غير معقول.
أقول: ذهب المسلمون كافة إلى أنه تعالى متكلم واختلفوا في معناه، فعند المعتزلة أنه تعالى أوجد حروفا وأصواتا في أجسام جمادية دالة على المراد، وقالت الأشاعرة: إنه متكلم بمعنى أنه قام بذاته معنى غير العلم والإرادة وغيرهما من الصفات تدل عليها العبارات وهو الكلام النفساني، وهو عندهم معنى واحد (1) ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا غير ذلك من أساليب الكلام، والمصنف رحمه الله حينئذ استدل على ثبوت الكلام بالمعنى الأول بما تقدم من كونه تعالى قادرا على كل مقدور لا شك في إمكان خلق أصوات في أجسام تدل على المراد، وقد اتفقت المعتزلة والأشاعرة على إمكان هذا لكن الأشاعرة أثبتوا معنى آخر، والمعتزلة نفوا هذا المعنى لأنه غير معقول إذ لا يعقل ثبوت معنى غير العلم ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار وهو قديم والتصديق موقوف على التصور.
قال: وانتفاء القبح عنه تعالى يدل على صدقه.
أقول: لما أثبت كونه تعالى متكلما وبين معناه شرع في بيان كونه تعالى