ويشترط أيضا حضورها (1) أعني حضور المطلوب الذي هو الغاية، إذ الغافل عن الشئ لا يطلبه والنظر نوع من الطلب.
قال: ولوجوب ما يتوقف عليه العقليان (2) وانتفاء ضد المطلوب على تقدير ثبوته كان التكليف به عقليا.
أقول: اختلف الناس في وجوب النظر هل هو عقلي أو سمعي؟ فذهبت المعتزلة إلى الأول والأشاعرة إلى الثاني، أما المعتزلة فاستدلوا على وجوب النظر عقلا بأن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا ولا تتم إلا بالنظر وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب، فهاهنا ثلاث مقدمات: إحداها: أن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا، واستدلوا على ذلك بوجهين: الأول: أن معرفة الله تعالى دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف وغيره ودفع الخوف واجب عقلا، الثاني: أن شكر الله تعالى واجب لأن نعمه على العبد كثيرة، والمقدمتان ضروريتان والشكر لا يتم إلا بالمعرفة ضرورة. الثانية: أن معرفة الله تعالى لا تتم إلا بالنظر وذلك قريب من الضرورة إذ المعرفة ليست ضرورية قطعا فهي كسبية ولا كاسب سوى النظر إذ التقليد يستند إليه وتصفية الخاطر إن انفلت عن ترتيب المقدمات لم يحصل منها علم بالضرورة. الثالثة: أن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب وإلا لخرج الواجب المطلق عن كونه واجبا أو لزم تكليف ما لا يطاق، لأن الشرط إذا لم يكن واجبا جاز تركه، فحينئذ إما أن يجب على المكلف المشروط أو لا، والثاني يلزم منه خروجه عن كونه واجبا مطلقا، والأول يلزم منه تكليف ما لا يطاق، إذ وجوب المشروط حال عدم الشرط إيجاب لغير المقدور وهو محال، فثبت أن وجوب النظر عقلي ولا يجب سمعا خاصة وإلا لم يجب، والتالي باطل فالمقدم مثله. بيان الشرطية أن النظر إذا لم يجب إلا بالسمع لزم إفحام الأنبياء لأن النبي إذا جاء إلى