قال: وملزوم العلم دليل والظن أمارة.
أقول: لما كان النظر متعلقا بما يستلزم العلم من الاعتقادات أو الظن وجب البحث عن المتعلق، فالمستلزم للعلم يسمى دليلا والمستلزم للظن يسمى أمارة، وقد يقال الدليل على معنى أخص من المذكور وهو الاستدلال بالمعلول على العلة.
قال: وبسائطه عقلية ومركبة لاستحالة الدور.
أقول: بسائط الدليل يعني به مقدماته فإن الدليل لما كان مركبا من مقدمتين كانت كل واحدة من تينك المقدمتين جزءا بسيطا بالنسبة إلى الدليل وإن كانت مركبة في نفس الأمر. إذا عرفت هذا فالمقدمات قد تكون عقلية محضة وقد تكون مركبة من عقلي وسمعي، ولا يمكن تركبها من سمعيات محضة وإلا لزم الدور لأن السمعي المحض ليس بحجة إلا بعد معرفة صدق الرسول، وهذه المقدمة لو استفيدت بالسمع دار بل هي عقلية محضة، فإذن إحدى مقدمات النقليات كلها عقلية، والضابط في ذلك أن كل ما يتوقف عليه صدق الرسول لا يجوز إثباته بالنقل، وكل ما يتساوى طرفاه بالنسبة إلى العقل لا يجوز إثباته بالعقل وما عدا هذين يجوز إثباته بهما.
قال: وقد يفيد اللفظي القطع.
أقول: قيل: إن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين لتوقفه على أمور كلها ظنية وهي:
اللغة والنحو والتصريف وعدم الاشتراك والمجاز والنقل والتخصيص والاضمار والنسخ والتقديم والتأخير والمعارض العقلي، والحق خلاف هذا فإن كثيرا من الأدلة اللفظية تعلم دلالتها على معانيها قطعا وانتفاء هذه المفاسد عنها.
قال: ويجب تأويله عند التعارض.
أقول: إذا تعارض دليلان نقليان أو دليل عقلي ونقلي وجب تأويل النقل، أما مع تعارض النقلين فظاهر لامتناع تناقض الأدلة، وأما مع تعارض العقلي والنقلي