أقول: هذا هو المشهور عند الأوائل والمتكلمين، وذهب الجبائيان إلى أن السهو معنى يضاد العلم، وقد فرق الأوائل بينه وبين النسيان فقالوا: إن السهو زوال الصورة عن المدرك خاصة دون الحافظ والنسيان زوالها عنهما معا.
قال: والشك تردد الذهن بين الطرفين.
أقول: الشك هو سلب الاعتقاد وتردد الذهن بين طرفي النقيض على التساوي وليس معنى قائما بالنفس وهو مذهب الأوائل وأبي هاشم. وقال أبو علي: إنه معنى يضاد العلم، واختاره البلخي لتجدده بعد أن لم يكن، وهو خطأ لعدم اتحاد المتعلق الذي هو شرط في تضاد المتعلقات.
قال: وقد يصح تعلق كل من الاعتقاد والعلم بنفسه وبالآخر فيتغاير الاعتبار لا الصور.
أقول: إعلم أن العلم والاعتقاد من قبيل النسب والإضافات يصح تعلقهما بجميع الأشياء حتى بأنفسهما فيصح تعلق الاعتقاد بالاعتقاد وبالعلم وكذا العلم يتعلق بنفسه وبالاعتقاد، إذا عرفت هذا فإذا تعلق العلم بنفسه وجب تعدد الاعتبار إذ العلم كان آلة ينظر به، وباعتبار تعلق العلم به يصير شيئا منظورا فيه، وكون الشئ معلوما مغاير لاعتبار كونه علما فلا بد من تغاير الاعتبار، أما الصور فلا وإلا لزم وجود صور لا تتناهى بالنسبة إلى معلوم واحد، لأن العلم بالشئ لا ينفك عن العلم بالعلم بذلك الشئ عند اعتبار المعتبرين. (واعلم) أن العلم بالعلم علم بكيفية وهيئة للعالم يقتضي النسبة إلى معلوم ذلك العلم وليس علما بالمعلوم كما ذهب إليه الجبائيان.
قال: والجهل بمعنى يقابلهما وآخر (1) قسم لأحدهما.
أقول: إعلم أن الجهل يقال على معنيين: بسيط ومركب، فالبسيط هو عدم