علامة الوضع سالبة كلية، وكون علامة المجاز موجبة كلية، فإنه وإن كانت الجزئية تكفي في إثبات أصل الوضع أو المجاز في بعض الأحيان، إلا أنها لا تكفي في إثبات الاتحاد، أو الدوام كما عرفت، والمفروض أن الغرض إثباتهما معهما، أو مع أصل الوضع، والمجازية في الجملة، وقد تعملان في إثبات مجرد الوضع، أو المجازية في الجملة، فحينئذ يكفي القضية الجزئية، كما أشار إليه المحقق القمي (قدس سره) بقوله: نعم لو قلنا إلى آخره (1).
فإذا عرفت ذلك فنقول: إن مراد المحقق القمي (قدس سره) هو إحدى الصورتين الأوليين - على سبيل منع الخلو - وأنه (قدس سره) لم يعتن بالأخيرة، لعدم فائدة فيها مهمة، ولذا قال بعد قوله: نعم، لكنه لم يثبت إلا الحقيقة في الجملة: - وقد عرفت أنه لا يثبت شيء من الصورتين الأوليين إلا بجعل القضية كلية -.
هذا بحسب الحل.
وأما ثانيا: فبالنقض بعلامة المجاز، فإنهم لم يكتفوا فيها بالموجبة الجزئية، مع أنه لو كان الغرض من إعمالها في إثبات المجازية في الجملة، لكانت الجزئية كافية، فكلما يقول الشيخ المذكور في الجواب عن علامة المجاز فليقل به هنا.
وكيف كان، فلا فرق بين علامة المجاز، وعلامة الحقيقة من تلك الجهة أي جهة لزوم اعتبار الكلية في القضية وعدمه، فلذا طالبهم المحقق القمي (قدس سره) بالفرق بين العلامتين.
وأما ما ذكره الشيخ محمد تقي () - في الفرق بينهما - بأن المطلوب في أمارة الحقيقة استكشاف الموضوع له، أو كونه مندرجا فيما وضع له، وفي أمارة المجاز عدم كونه كذلك، والظاهر صدق الأول مع تحقق الوضع، أو الاندراج في الجملة لصدق الموجبة وأما الثاني فلا يصدق إلا مع انتفاء الوضع والاندراج.
ففيه: أن قوله: وفي أمارة المجاز عدم كونه كذلك، عبارة أخرى عن إثبات المجازية الدائمية المعبر عنها بالمطلقة، لأنه لا ريب أنه لا يشترط في استكشاف المجازية - في