الواسطتين المضمرتين، بأن يكون الباء () صلة للإضمار، إذ على هذا التقدير يلزم اعتبار واسطة أخرى، غير معرفة صحة سلب جميع المعاني، وغير معرفة أن المعنى ليس منها، وهي معرفة كونه معنى مجازيا، ليتحقق واسطتان مضمرتان. وأما على هذا التوجيه فالواسطة الأخيرة ساقطة، فلا يرد شيء من الإيرادات السابقة عليه، فإن بناءها على كون المراد بالواسطتين: الواسطتين المضمرتين، غير معرفة صحة سلب جميع المعاني الحقيقية، التي هي الواسطة في الدور المصرح.
هذا، لكن هذا التوجيه لا يناسب قوله في حاشية الحاشية (): هذا إذا سلم... إلى آخره، كما ذكره ملا ميرزا جان، فإنه ينادي بأنه إذا سقطت المقدمة الأخيرة فالدور مضمر بواسطة واحدة، ومقتضى التوجيه كونه مضمرا بواسطتين على هذا التقدير.
ثم إنه يرد على ما ذكره السيد في حاشية الحاشية ()، وهو قوله: هذا إذا سلم إلى قوله: وأما إذا قيل: لا توقف هناك، بل الأول مستلزم للثاني... إلى آخره، إن ذلك يقتضي أن لا يكون دور أصلا، فإنه كما يمكن أن يقال: إنه لا يتوقف معرفة كون المعنى ليس شيئا من المعاني الحقيقية على معرفة كونه مجازيا، بل هي مستلزمة لها، والاستلزام غير التوقف، كذلك يمكن أن يقال: إنه لا يتوقف معرفة صحة جميع المعاني الحقيقية على معرفة أن المعنى المبحوث عنه ليس هنا، بل هي مستلزمة لها، والاستلزام غير التوقف وهذا هو ما أشار إليه ملا ميرزا جان (). والسند السند بعينه.
ثم على فرض تسليم توقف صحة سلب جميع المعاني على معرفة أن المعنى ليس منها نقول: إنه لما كان معرفة أنه ليس شيئا منها ملازمة لمعرفة كونه مجازا، فتوقف صحة سلب جميع المعاني عليه يصير عين توقفه على معرفة المجاز، فيصير الدور مصرحا، فلا معنى لتسميته مضمرا حينئذ.
اللهم إلا أن يمنع ذلك بأن التوقف على ملازم الشيء لا يستلزم التوقف على ذلك الشيء، فيمنع توقف صحة السلب على معرفة المجازية.
لكن لا يخفى أن هذا الجواب يعيد المحذور الأول، وهو منع الدور، إذ لا ريب أن لزومه لأجل رجوع معرفة المجاز بالأخرة إلى معرفة نفسه.