أظهرها الأخير، لما سنبين من أن اعتباره في جميع موارد استعماله ليس من جهة واحدة بل في بعضها من جهة الغلبة، وفي بعضها الآخر من جهة الاستصحاب، أو القاعدة كما سيجيء.
المقام الثاني في بيان الموارد التي يستعمله فيها العلماء، فاعلم أنها ثلاثة:
الأول: ما إذا علم بوضع لفظ لمعنى في الزمان السابق، ووجد استعماله في الزمان اللاحق في معنى، وعلم بكونه حقيقة في هذا المعنى الذي يستعمل فيه الآن، لكنه يشك في أن هذا المعنى هذا هو عين ذلك المعنى الذي يعلم بوضع اللفظ له من قبل فيكون متحدا معه، أو غيره؟ فيلزم نقل اللفظ من ذلك المعنى إلى ذاك، فمرجع الشك هنا إلى الاتحاد والتغاير.
الثاني: ما إذا علم الآن بوضع اللفظ تخصيصا، أو تخصصا لمعنى، ثم وقع الشك في ابتداء تاريخ حصول الوضع، ومرجع الشك هنا إلى مجرد تاريخ الوضع وبدو زمانه، ثم إنه قد يعلم مع ذلك وضع هذا اللفظ لمعنى آخر، غير هذا المعنى، ونقله منه إليه مع الشك في تاريخ النقل، وقد لا يعلم له معنى غير هذا المعنى.
وكيف كان فالكلام في هذا المورد فيما إذا كانت الحاجة إلى تعيين ابتداء الوضع ومن هذه الحيثية لا غير.
الثالث: ما إذا وجد استعمال اللفظ في معنيين مع العلم بوضعه لأحدهما إجمالا، أو تفصيلا، والشك في وضعه للآخر أيضا مع عدم القدر الجامع، أو العلاقة الظاهرة بين المعنيين. هذه هي موارد استعماله.
فإذا استعملوه في المورد الأول، فيعبرون عنه بأصالة عدم النقل، ويثبتون به تقدم الوضع الآني، واتحاده مع الوضع السابق.
وإذا استعملوه في المورد الثاني، فيعبرون عنه بأصالة تأخر الحادث، ويثبتون به تأخر الوضع، ونفيه عن مورد الشك.
وإذا استعملوه في المورد الثالث، فيعبرون عنه بأصالة عدم الاشتراك، ويثبتون به اتحاد الوضع، ومجازية اللفظ في المعنى الآخر، خلافا للسيد المرتضى (قدس سره) حيث انه حكم بالاشتراك حينئذ، لكن خلافه ليس في اعتبار الأصل المذكور بل في المسألة الأخرى، وهي أن الاستعمال من علائم الوضع أولا؟ وهو قدس سره لما زعم أنه من علائم الوضع، فحكم هنا بالاشتراك من باب كون الاستعمال دليلا واردا على الأصل