النبي (صلى الله عليه وآله) وقد أشرف على مكة فسلم عليه وخبره بما صنع وبقبض ما قبضه وانه سارع للقائه أمام الجيش؛ فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذلك وابتهج بلقائه وقال له: بم أهللت يا علي؟ فقال له: يا رسول الله انك لم تكتب لي إهلالك ولا عرفته فعقدت نيتي بنيتك؛ فقلت: اللهم إهلالا كإهلال نبيك؛ وسقت معي من البدن أربعا وثلاثين بدنة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله أكبر قد سقت أنا ستا وستين وأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك وعد إلى جيشك، فعجل بهم إلي حتى نجتمع بمكة إن شاء الله تعالى، فودعه أمير المؤمنين (عليه السلام) وعاد إلى جيشه، فلقيهم عن قرب فوجدهم قد لبسوا الحلل التي كانت معهم؛ فأنكر ذلك عليهم وقال للذي كان استخلفه عليهم: ويلك ما دعاك إلى أن تعطيهم الحلل من قبل أن ندفعها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم أكن أذنت لك في ذلك؟ فقال: سألوني أن يتجملوا بها، ويحرموا فيها ثم يردوها علي! فانتزعها أمير المؤمنين (عليه السلام) من القوم، وشدها في الأعدال، فاضطغنوا ذلك عليه! فلما دخلوا مكة كثرت شكاياهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديا فنادى في الناس: إرفعوا ألسنتكم عن علي بن أبي طالب، فإنه خشن في ذات الله عزوجل، غير مداهن في دينه. فكف القوم عن ذكره، وعلموا مكانه من النبي (صلى الله عليه وآله)، وسخطه على من رام الغميزة فيه؛ وأقام أمير المؤمنين (عليه السلام) على إحرامه تأسيا برسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
[335] - 11 - ابن عساكر: بإسناده عن أبي سعيد الخدري، أنه قال:
بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على بن أبي طالب إلى اليمن، قال أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه، فلما احتفر إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا في إبلنا خللا - فأبى علينا وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين، قال: فلما فرغ