تعالى فيه (1) أذن في الناس به، وبلغت دعوته إلى أقاصي بلاد الاسلام (2) فتجهز الناس للخروج معه، وحضر المدينة من ضواحيها ومن حولها ويقرب (3) منها خلق كثير، وتهيئوا (4) للخروج معه، فخرج صلى الله عليه وآله بهم لخمس بقين من ذي القعدة، وكاتب أمير المؤمنين عليه السلام بالتوجه إلى الحج من اليمن ولم يذكر له نوع الحج الذي قد عزم عليه وخرج صلى الله عليه وآله قارنا للحج بسياق الهدي، وأحرم عليه السلام من ذي الحليفة، وأحرم الناس معه، ولبى من عند الميل الذي بالبيداء فاتصل ما بين الحرمين بالتلبية حتى انتهى إلى كراع الغميم، وكان الناس معه ركبانا ومشاة، فشق على المشاة المسير، وأجهد هم السير والتعب (5) فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله واستحملوه، فأعلمهم أنه لا يجد لهم ظهرا، وأمرهم أن يشدوا على أوساطهم، ويخلطوا الرمل بالنسل، ففعلوا ذلك و استراحوا إليه، وخرج أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه من العسكر الذي كان صحبه إلى اليمن، ومعه الحلل الذي (6) كان أخذها من أهل نجران، فلما قارب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة من طريق المدينة قاربها أمير المؤمنين عليه السلام من طريق اليمن، و تقدم الجيش للقاء النبي صلى الله عليه وآله، وخلف عليهم رجلا منهم، فأدرك النبي صلى الله عليه وآله و قد أشرف على مكة فسلم عليه وخبره بما صنع، وبقبض ما قبض، وأنه سارع للقائه أمام الجيش، فسر رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك (7) وابتهج بلقائه، وقال له: بم أهللت يا علي؟ فقال: يا رسول الله إنك لم تكتب لي (8) بإهلالك ولا عرفته (9) فعقدت نيتي بنيتك، فقلت: اللهم إهلالا كإهلال نبيك، وسقت معي من البدن
(٣٨٤)