على وانصرف من اليمن راجعا أمر علينا إنسانا فأسرع هو فأدى الحج، فلما قضى حجته قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم. قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه [علينا] ما كان علي منعنا إياه، ففعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، رأى أثر المراكب، فذم الذي أمره ولامه، فقلت أنا: إن لله علي لئن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق، قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أريد أن أفعل ما كنت قد حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما رآني وقف معي ورحب بي وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فدخل وقال: هذا سعد بن مالك، ابن الشهيد. قال: ائذن له.
فدخلت فحييت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحياني وسلم علي وساءلني عن نفسي وعن أهلي، فأحفى المسألة. فقلت: يا رسول الله ما [ذا] لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فانتبذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على فخذي - وكنت منه قريبا - وقال: [يا] سعد بن مالك، ابن الشهيد مه! بعض قولك لأخيك علي، فوالله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله. قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري، لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية (1).
[336] - 12 - ابن الأثير:
وبعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى نجران ليجمع صدقاتهم وجزيتهم ويعود ففعل وعاد ولقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة في حجة الوداع واستخلف على الجيش الذين معه رجلا من أصحابه وسبقهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلقيه بمكة فعمد الرجل إلى الجيش