فانطلق الرسول فأخبره بما قال. قال: فسكتوا عنه يومهم ذلك!
فلما كان الليل حمل علي فاطمة على حمار وأخذ بيدي ابنيه الحسن والحسين فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أتاه في منزله، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته، فما استجاب منهم رجل غيرنا الأربعة، فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا، وكان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته! فلما رأى علي خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وطاعتهم له وتعظيمهم إياه لزم بيته، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة!
وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا، والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما، فقال أبو بكر: من نرسل إليه؟ فقال عمر: نرسل إليه قنفذا، وهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء أحد بني عدي بن كعب! فأرسله إليه وأرسل معه أعوانا وانطلق فاستأذن على علي فأبى أن يأذن لهم! فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر وهما جالسان في المسجد والناس حولهما، فقالوا: لم يؤذن لنا. فقال عمر: إذهبوا، فإن أذن لكم وإلا فأدخلوا عليه بغير إذن! فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها السلام: أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن! فرجعوا وثبت قنفذ فقالوا: إن فاطمة قالت كذا وكذا فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن! فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء! ثم أمر أناسا حوله أن يحملوا الحطب فحملوا الحطب وحمل معهم عمر، فجعلوه حول منزل علي وفاطمة وابنيهما! ثم نادى عمر حتى أسمع عليا وفاطمة: والله لتخرجن يا علي ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا أضرمت عليك بيتك النار! فقالت فاطمة: يا عمر، ما لنا ولك؟ فقال: إفتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم! فقالت: يا عمر أما تتقي الله