الخطاب وابن أبي قحافة! فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر! وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليا، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا: إذا والله الذي لا إله الا هو نضرب عنقك، قال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله! قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم! فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك، فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق علي بقبر رسول الله يصيح ويبكي وينادي: ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني! فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهما السلام! فتكلم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله! والله إن قرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإنك لأحب إلي من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله، إلا أني سمعت أباك رسول الله يقول: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة. فقالت: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله (ص)! قالت: فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه!
فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل