وكبروا! ثم قالوا: إن النبي قال: الأئمة من قريش، كل قريش، كل قريش!!
لقد أقام النبي صلى الله عليه وآله الحجة لربه بينة صريحة في مكة وعرفات ومنى، ثم لم يبق يوم الغدير لأحد عذرا، على حد تعبير فاطمة عليها السلام!
لكن قريشا كانت صماء، وكأن حجة النبي صلى الله عليه وآله لا تعنيها بشئ! فهذا سهيل بن عمر يمسك بزعامتها في مكة ويتصرف كأنه رئيس دولة مقابل النبي صلى الله عليه وآله ويقول نحن، ومحمد! ويرسل جابر بن النضر العبدري ليعترض على النبي صلى الله عليه وآله، لأنه بزعمه لم يكتف بما فرضه على الناس من صلاة وصوم وزكاة وحج، حتى أخذ بضبع ابن عمه قائلا: من كنت مولاه فعلي مولاه!
وهؤلاء طلقاء النبي من قريش صاروا ألوفا في المدينة، وهم ملتفون حول أبي بكر وعمر، وعائشة وحفصة تواصلان تظاهرهما على رسول الله صلى الله عليه وآله وتفشيان لهم سره! وكلما علم جبرئيل النبي خطة لترتيب الوضع لوصيه وعترته من بعده، عملت قريش في إبطالها وتخريبها!!
ومن أواخر ما خربوه أن النبي صلى الله عليه وآله عرض عليهم ما لم يعرضه نبي على أمته قط وطلب منهم أن يلتزموا له بعهد يكتبه ليؤمن الأمة من الضلال إلى يوم القيامة، ويجعلها سيدة العالم إلى يوم القيامة! فبادروا إلى رفضه، ودفعوا عمر لمواجهة النبي بكل صلافة: لا حاجة لنا بكتابك، ومنعوه من كتابته!!
ثم أراد النبي صلى الله عليه وآله أن تفرغ المدينة من دعاة الفتنة وأرسلهم جميعا في جيش أسامة إلى فلسطين، وفيهم سبع مئة رجل من قريش! وأمره بالتحرك، ولعن من تخلف عن جيش أسامة! فافتعلوا المشاكل والأعذار حتى سوفوا الوقت وأفشلوا برنامج أسامة، وتسللوا من معسكره من الجرف لواذا عائدين إلى المدينة!
كانت فاطمة عليها السلام تشاهد ذلك، وتسمع كلام أبيها صلى الله عليه وآله عن عاصفة قريش التي تنتظر عترته، وترى دموعه الغزار من أجلهم، ومن أجلها خاصة! لكنها كانت اليوم تبكي