فأيدها النبي صلى الله عليه وآله وبكى لها، وهدأها، طمأنها بأن ذلك ضريبة عبودية هذه الأسرة المصطفاة لربها عز وجل، ففرحت الحزينة! تقول في فرحها لنعم الله: سمعا وطاعة يا أبتاه.. تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب فرضا الله رضانا أهل البيت، وليقترف الناس ما هم مقترفون!
* * أما رواة الحكومات، فرووا من هذا المشهد النبوي البليغ نتفا مبتورة وصححوا بعضها! ورووا منه فقرات طويلة ولم يضعفها أحد غير الذهبي تحكما وتعصبا فاتبعوه وغطوا عليه! رواه الطبراني في الكبير: 3 / 57، والصغير: 1 / 67، وابن عساكر: 42 / 130، والطبري في ذخائر العقبى ص 135، وابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 42، والهيثمي في مجمع الزوائد: 8 / 253، وقال: (وهو بتمامه في فضل أهل البيت، رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه الهيثم بن حبيب، وقد اتهم بهذا الحديث! ورواه في: 9 / 164، وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه الهيثم بن حبيب، قال أبو حاتم منكر الحديث وهو متهم بهذا الحديث)!
ولا يتسع المجال لتفصيل تهافتهم وتعصبهم في هذا الحديث، فيكفي أن تعرف أن الهيثمي نفسه قال في الزوائد: 3 / 190: وأما الهيثم بن حبيب فلم أر من تكلم فيه غير الذهبي (القرن الثامن) اتهمه بخبر رواه، وقد وثقه ابن حبان). انتهى.
وهو يقصد قول الذهبي في ميزان الاعتدال: 4 / 320: (الهيثم بن حبيب عن سفيان بن عيينة بخبر باطل في المهدي، هو المتهم به. رواه أبو نعيم، عن الطبراني، عن محمد بن رزيق بن جامع عنه). انتهى.
وواضح أن اتهام الذهبي لهذا الراوي بالوضع، لا حجة له إلا أن الحديث لم يعجب الذهبي المتعصب، لأنه يكشف سقيفة قريش، وينص على إمامة علي والحسنين وبقية العترة إلى المهدي عليهم السلام! ولا بد أن الذهبي رأى أن الهيثم من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام الموثقين عندنا وعندهم! فازداد غيظا!