عليهم من أسلم بين ظهراني المشركين وله قوة بأهله وعشيرته (١) ويقدر على إظهار دينه ويكون آمنا علي نفسه مثل العباس بن عبد المطلب وعثمان كان يستحب له أن يهاجر (٢) لئلا يكثر سواد المشركين، ولا يلزمه لأنه قادر على إظهار دينه.
وأما الذي لا يجب ولا يستحب له فهو أن يكون ضعيفا لا يقدر على الهجرة فإنه يقيم إلى أن يتمكن ويقدر.
وأما الذي تلزمه الهجرة وتجب عليه من كان قادرا على الهجرة ولا يأمن على نفسه من المقام بين الكفار، ولا يتمكن من إظهار دينه بينهم فيلزمه أن يهاجر لقوله تعالى ﴿إن الذين توفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها﴾ (٣) فدل هذا على وجوب الهجرة على المستضعف الذي لا يقدر على إظهار دينه، ودليله أن من لم يكن مستضعفا " لا يلزمه ثم استثنى من لم يقدر فقال (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) (٤) والهجرة باقية أبدا ما دام الشرك قائما "، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، وما روي من قوله (صلى الله عليه وآله) لا هجرة بعد الفتح (٥) معناه لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وقيل:
المراد لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار الاسلام.
ولا يجب الجهاد إلا على كل حر ذكر بالغ عاقل. فأما المملوك فلا جهاد عليه لقوله تعالى ﴿ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج﴾ (6).