وفي كشف الرموز وكان فاضل منا شريف يذهب إلى التحريم، ويدعي أنه سمع ذلك مشافهة ممن قوله حجة، وهو مؤيد للنصوص، مضافا إلى قوله تعالى (1) " من حيث أمركم الله " وإلى الأمر (2) بالاعتزال في المحيض للأذى، ولا ريب أن النجو أعظم، بل وإلى آية الحرث (3) فإن موضع الحرث الذي يتوقع منه حصول الولد القبل لا الدبر.
لكن الجميع كما ترى، فإن الخبر الأول ضعيف، والثاني لا دلالة صريحة فيه على المنع، مع اختلاف النسخ فيه، وعدم ظهور المراد من بعضها، بل ظهور بعضها، في الكراهة، والثالث ظاهر في الكراهة.
والرابع إنما هو في تفسير الآية على أن تحصيل المراد منه لا يخلو من خفاء، إذ هو إن كان لبيان إتيان المرأة من قبلها، لكن من خلفها وحينئذ يكون السؤال من أبي الحسن عليه السلام عن ذلك خرج عن موضوع ما نحن فيه، وإن كان المراد بيان جواز الوطء في الدبر لكن لم يكن المراد من الآية خصوص الدبر كان دالا على المطلوب لا منافيا، مضافا إلى ما في الأول منهما من النقل عن أهل المدينة من التعريض في المخالفة، مع أن المعروف فيما بينهم المنع لا الجواز، فلا يبعد حينئذ وجود الخلل من الراوي في الخبر المزبور، اللهم إلا أن يريد بأهل المدينة الكناية عن الإمام عليه السلام وأتباعه، فأقره الإمام عليه السلام على ذلك، ثم ذكر ما يدل على فساد استدلال المخالف على المنع بالآية وحينئذ يكون دالا على الجواز لا المنع، وكذا قوله " أهل الكتاب " في الخبر الثاني، أي من عنده علم الكتاب، ويمكن إرادة مالك وأتباعه من أهل المدينة، والكناية عن العامة بأهل الكتاب تشبيها باليهود، وعلى كل حال فالخبر غير واضح.
والخامس لم يعلم المراد به، وعلى فرض كونه المعصوم عليه السلام فهو خبر معارض بما عرفت.