وإذا حرم أن يؤدي فيه فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد فاته كان من حظر النوافل عليه قضاء ما فاته من الفرض أولى مع الرواية (1) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لا صلاة لمن عليه صلاة) يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة) وهو كما ترى ظاهر في عدم وقوفه على فتاواهم في خصوص ذلك، لكنه استنبطه بالأولوية من عدم الاختلاف المزبور، ومن الواضح أولا عدمها بناء على أن حرمة فعل الحاضرة قبل الفائتة للترتيب لا الفورية كالعصر بالنسبة إلى الظهر، ضرورة الفرق حينئذ بينها وبين النافلة، وثانيا أنه يحتمل إرادته عدم الاختلاف في العبارة المزبورة التي فهم هو منها الحرمة، ولعلنا نمنعه عليه، ونقول: إن مرادهم وجوب قضائها في سائر الأوقات عدا وقت الحاضرة وإن لم يكن على الفور كما يومي إليها وقوع نحوها ممن علم أن مذهبه المواسعة، بل عبروا بمثلها في قضاء النوافل، وثالثا أنه صريح في أن إجماعه ليس بالمعنى الذي عند المتأخرين من القطع بقول المعصوم، بل هو بمعنى الاتفاق وعدم الاختلاف، فصح لنا نقضه بما سمعته من تحققه ممن سبقه وتقدم عليه، بل الذي يقوى في ظني أن كثيرا من إجماعات القدماء بمعنى الاتفاق على القواعد الكلية التي تكون مدركا لبعض الأحكام الجزئية، كما يرشد إليه ما سمعته من الخلاصة، فإنه ظاهر في أن دعواه الاجماع المزبور نشأت من ذكرهم عدم حل رد الخبر الموثوق برواته، وأنت خبير أن ذلك لا يقتضي الاجماع على أصل الحكم، بل هو عنه بمعزل، كما هو واضح.
ولقد أجاد المحقق الشيخ علي بن عبد العالي في تعليق الإرشاد حيث قال: كلام ابن إدريس غير صريح في دعوى الاجماع على القول بالمضايقة، لأنه يحتمل أن يراد به الاجماع على أن الأدلة التي ذكرها حجة لا أن ما استدل عليه من هذه المسألة انعقد