من الأصلين فقد يمنع وجوب العمل بمقتضاه بالنسبة للغير كالائتمام والطلاق ونحوهما، بل يمكن القطع به بملاحظة أحوال السلف في الروايات فضلا عن غيرها، فإن عدم اعتمادهم على من لا يعرفون أحواله وتحرزه من الكذب ونحوه من الضروريات التي لا تنكر، أو يقال إن كلا من هذين الأصلين أمر شرعي تعبدي بحت لا يثبت به ملكة أو حسن ظاهر حتى يلحقه وصف العدالة، لكن فيه أنه لا معنى لثبوت هذا الأصل إلا جعل الشارع المجهول محكوما عليه بأن لم يرتكب محرما ولا أخل بواجب، وكل من كان كذلك يلزمه وصف العدالة، وليس في الأخبار حسن ظاهر أو ملكة، بل الذي يظهر من النصوص والفتاوى أن العدل الذي لا يخل بواجب ولا يرتكب محرما لكن ذلك منهم من جعله طريقا لحصول الملكة، ومنهم من جعله نفسه عدالة من غير ملاحظة ملكة، وبعد تسليم الأصل فالمجهول من الذي لم يخل بواجب ولم يرتكب محرما.
فإن قلت: ليس كل من لم يخل بواجب إلى آخره عدلا، بل الذي يعلم منه ذلك أو يظن ظنا معتبرا، والأصل لا يفيد شيئا منهما. قلت: هو ما علم أو ظن أو ثبت شرعا أنه كذلك كالبينة والأصل.
ثم إنه لا معنى لثبوت هذا الأصل إلا جعله المجهول عند الشارع مثل الذي علم منه أنه لا يخل بواجب في جريان جميع الأحكام، ومنها العدالة، نعم قد يعارض الأصل بظواهر الأخبار الآتية إن شاء الله التي كادت تكون متواترة، بل عن بعضهم أنها كذلك في أنه يعتبر في طريق العدالة زائدا على الاسلام مع عدم ظهور الفسق، فينقطع العمل بالأصل بحيث يثبت العدالة.
وأما الأخبار فهي - مع كون كثير منها ضعيف السند، غير صريحة في المقصود بل بعضها دال على ضده، كمرسلة يونس (1) ورواية عمر بن يزيد (2) ورواية عبد الله