بأنواع من الكيد ردها الله تعالى بلطفه رماه بالقتل والسرق والزنا فلم يلصق به شئ من تلك العيوب لما شاهده القوم من طهارته وعبادته ونسكه وسيماء النبوة عليه فلما نبا معوله عن صفاته هيأ له سما قدمه إليه في الطعام فأرسل تعالى هرا كفا تلك الصحفة وقد مد نحوه ثم مات لوقته وقد أكل منها فتبين لجعفر كيده وغائله فلم يعدها عنده وما زال ابن الجزار عدو لنا أهل البيت.
وقتل جعفر رض شهيدا في غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة وهو ابن إحدى وأربعين سنة وقد تقدم في ترجمة أبيه أبى طالب " ع " انه كان أسن من أمير المؤمنين بعشر سنين، ومؤتة بضم الميم وهمزة ساكنة بعدها تاء مثناة ويجوز تخفيف الهمزة فيقال موته بسكون الواو موضع من ارض الشام من عمل البلقاء والبلقاء دون دمشق.
وكان جعفر رض أحد الأمراء الثلاثة في هذه الغزوة وهم جعفر وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وقاتل جعفر رض في هذه الواقعة قتالا شديدا حتى إذا لحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها فكان أول رجل عقر فرسه في الإسلام وكانت الراية في يده فقاتل حتى قطعت يده اليمنى فاخذها بيده اليسرى فقطعت فضمها إلى صدره ثم ضربه رجل من الروم قطعه نصفين فوقع أحد نصفيه في كرم هناك فوجد فيه بضع وثلاثون جرحا، وعن ابن عمر قال كنت في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدناه في القتلى فعددنا بين منكبيه تسعين ضربة بين طعنة رخ وضربة سيف.
قال الواقدي: حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر عن قتادة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: لما التقى الناس بمؤتة جلس على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام فهو ينظر إلى معركتهم فقال صلى الله عليه وآله اخذ الراية زيد بن حارثة فجائه الشيطان فحبب إليه الحياة وكره إليه الموت وحبب إليه الدنيا فقال الآن حين استحكم الأيمان في قلوب المؤمنين تحبب إلى الدنيا فمضى قدما حتى استشهد ثم