قال الشريف المرتضى رضي الله عنه في الغرر والدرر وكان الفرزدق شيعيا مائلا إلى بنى هاشم.
ولما خرج الحسين من مكة قاصدا الكوفة سنة إحدى وستين من الهجرة ووصل الشقوق إذا هو بالفرزدق قد وافاه هناك فسلم عليه ثم دنا منه وقبل يده فقال له الحسين " ع " من أين أقبلت يا أبا فراس قال من الكوفة قال كيف تركت أهل الكوفة قال خلفت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية عليك وقد قل الديانون والقضاء ينزل من السماء والله يفعل في خلقه ما يشاء.
وفى رواية عن الفرزدق انه قال لقيني الحسين " ع " في منصرفي من الكوفة فقال ما وراءك يا أبا فراس قلت أصدقك قال الصدق أريد قلت أما القلوب فمعك وأما السيوف فمع بنى أمية والنصر من الله قال " ع " ما أراك إلا صدقت الناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معائشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.
وفى رواية عنه أيضا انه قال حججت بأمي في سنة ستين فبينا انا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم إذ لقيت الحسين " ع " خارجا من مكة معه أسيافه وأتراسه فقلت لمن هذا القطار فقيل للحسين بن علي " ع " فأتيته وسلمت عليه وقلت له بلغك الله سؤلك وأملك فيما تحب بابى أنت وأمي يا بن رسول الله ما أعجلك فقال لو لم أعجل لأخذت ثم قال لي من أنت قلت انا أمرؤ من العرب فلا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك ثم قال أخبرني عن الناس خلفك فقلت الخبير سألت قلوب الناس معك وسيوفهم عليك والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء قال صدقت لله الأمر وكل يوم ربنا في شأن إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلا يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته فقلت له أجل بلغك ما تحب وكفاك ما تحذر وسألته عن أشياء من نذر ومناسك فأخبرني بها وحرك راحلته وقال السلام عيك ثم افترقنا.