أحاذر بوابين قد وكلا بنا * واسود من ساج تصر مسامره وكان الفرزدق قال هذه الأبيات بالمدينة فلما سمع أهل المدينة بها جاؤوا إلى مروان بن الحكم وهو والى المدينة من قبل معاوية فقالوا لا يصلح هذا الشعر بين أزواج النبي صلى الله عليه وآله وقد أوجب على نفسه الحد فقال مروان لست أحده ولكن اكتب إلى من يحده ثم أمره أن يخرج من المدينة وأجله ثلاثة أيام وفى ذلك يقول:
توعدني وأجلني ثلاثا * كما وعدت بمهلكها ثمود ثم كتب مروان إلى عامله ان يحده ويسجنه وأوهمه انه كتب له بجائزة ثم ندم مروان على ما فعله فوجه رسولا إلى الفرزدق يقول له إني قلت شعرا فاسمعه ثم أنشد:
قل للفرزدق والسفاهة كاسمها * ان كنت تارك ما أمرتك فاجلس ودع المدينة إنها محبوبة * وأقصد لمكة أو لبيت المقدس وإذا اجتنبت من الأمور عظيمة * فخذن لنفسك بالرماع الأكيس قوله فاجلس أي أقصد الجلساء وهي نجد سميت بذلك لارتفاعها لأن الجلوس في اللغة الارتفاع فلما وقف الفرزدق على الأبيات فطن لما أراده ورمى بالصحيفة وخرج هاربا إلى أن أتى سعيد بن العاص الأموي وعنده الحسن والحسين " ع " وعبد الله بن جعفر فأخبرهم الخبر فامر له كل واحد بمائة دينار وراحلة وتوجه إلى البصرة وقيل لمروان أخطأت فيما فعلت فإنك عرضت عرضك لشاعر مضر فوجه وراءه بمائتي دينار وراحلة خوفا من لسانه.
وأنشد الفرزدق سليمان بن عبد الملك قصيدة ميمية انتهى منها إلى قوله.
ثلاث واثنتان فهن خمس * وسادسة تميل إلى سمام فبتن بجانبي مصرعات * وبت أفض أغلاق الختام فقال له سليمان قد أقررت عندي بالزنا ولابد من إقامة الحد عليك فقال الفرزدق ومن أين أوجبت على الحد فقال من كتاب الله تعالى والزانية والزاني