فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فقال الفرزدق ان كتاب الله تعالى يدرءه عنى بقوله تعالى (الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون) فانا قلت ما لم أفعل فتبسم سليمان وقال أولى لك، وكان حلو النادرة سريع الجواب. جاء عنبسة بن معدان إلى باب بلال قال له بلغت النار يا أبا الفارس قال أجل ورأيت أباك ينتظرك وقال وجهك أحراح مجموعة فقال تأمل هل ترى فيها حرامك والأحراح بحائين مهملتين جمع حرح وهو فرج الامرأة يخفف للفرد بحذف آخره فيقال حرومتي جمع عادت الحاء لأن الجمع يرد الأشياء إلى أصولها، وكان يقول ما عييت بجواب أحد قط الا بجواب امرأة وصبي ونبطي أما الامرأة فإني ذهبت ببغلتي أسقيها بالنهر وإذا بالنسوة يغسلن ثيابهن فلما حاذيتهن ضرطت فضكحن منها فالتفت إليهن وقلت لهن لا تضحكن فوالله ما حملتني أنثى قط إلا وفعلت ما فعلت البغلة فقالت إحداهن فكيف كان حال من حملتك تسعة أشهر فأراها قد قاست منك ضراطا عظيما فما وجدت لها جوابا واما الصبى فإني كنت أنشد في مربد البصرة وفى حلقتي الكميت بن زيد وهو إذ ذاك صبي فأعجبني حسن استماعه فقلت له كيف ما سمعت يا غلام قال حسن قلت أيسرك إني أبوك قال اما أبى فلا أبغي به بدلا ولكن وددت إنك أمي ليأكل أبى من أطايبك فأخجلني ولم أجد له جوابا واما النبطي فإنه لقيته بيثرب فقال لي أنت الفرزدق قلت نعم قال أنت الذي يخاف الناس من لسانك قلت نعم قال إذا هجوتني تموت فرسي قلت لا قال أفيموت ولدى قلت لا قال أفأموت انا قلت لا قال فادخلني في حر أم الفرزدق من رجلي إلى عنقي قلت فلم تركت رأسك قال حتى أرى الزانية ما تصنع.
وكان الفرزدق يروى عن أمير المؤمنين وعن ابنه الحسين " ع " وأبى سعيد الخدري وغيره وعنه الكميت الشاعر ومروان الأصغر وخالد الحذاء وأشعث ابن عبد الملك والصعق بن ثابت وابنه لبطة بن الفرزدق وآخرون.