وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبيلة أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده على بلوغ غرضه.
فمن ذلك ما حكاه المبرد في كتاب (الكامل) ان الحجاج بن يوسف الثقفي لما ولى تميم بن زيد القيني بلاد السند دخل البصرة فجعل يخرج من أهلها ما شاء فجاءت عجوز إلى الفرزدق فقالت إني استجرت بقبر أبيك وأتت منه بحصيات فقال ما شأنك قالت إن زيد بن تميم خرج بابن لي معه ولا قرة لعيني ولا كاسب على غيره فقال وما اسم ابنك فقالت خنيس فكتب إلى تميم مع بعض من شخص:
تميم بن قيس لا تكون حاجتي * بظهر فلا يبقى على جوابها وهبني خنيسا وأحتسب فيه منة * لعبرة أم ما يسوغ شرابها أتتني فعاذت يا تميم بغالب * وبالحفرة السافي عليها ترابها وقد علم الأقوام انك ماجد * وليث إذا ما الحرب شب شهابها فلما ورد الكتاب على تميم تشكك في الاسم أخنيس أم حبيش فقال انظروا من له مثل هذا الاسم في عسكرنا فأصيب ستة ما بين خنيس وحبيش فوجه بهم إليه.
وحضر الفرزدق ونصيب الشاعر عند سليمان بن عبد الملك فقال سليمان للفرزدق يا أبا فراس أنشدني شيئا وإنما أراد ان ينشده مدحا له فأنشده قوله في مدح أبيه وهو من جيد الشعر:
وركب كأن الريح تطلب عندهم * لها ترة من جذبها بالعصائب سعوا يخبطون الريح وهي تلفهم * إلى شعب الأكوار ذات الحقائب إذا أنسوا نارا يقولون ليتها * وقد حضرت أيديهم نار غالب فاعرض عنه سليمان كالمغضب فقال له نصيب يا أمير المؤمنين الا أنشدك في رويها فقال هات فأنشده أبياتا منها:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب