وذكر بعض المؤرخين، ان ابن عباس لما قتل على " ع " حمل مبلغا من بيت المال البصرة ولحق بالحجاز واستخلف على البصرة عبد الله بن الحرث بن نوفل وهذا هو الصحيح ويدل عليه ان ابن الزبير عيره بذلك كما سيأتي.
روى المدائني قال: وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد وزياد بن سمية وعتبة بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحكم انه قد طال العهد بعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ولقد كان رضيه للتحكيم فدفع عنه فحركوه للكلام لنبلغ حقيقة صفته وتقف على كنه معرفته ونعرف ما صرف عنا من شبا حده وزوى عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما فيه هو أعطى من النعت والاسم ما لا يستحقه ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فلما دخل واستقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا بن عباس ما منع عليا ان يوجه بك حكما فقال والله لو فعل لقرنت عمرا بصعبة من الإبل يوجع كتفيه مراسها ولا ذهلت عقله واجرضته بريقه وقدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا ولم ينقض رأيا الا كنت منه بمرء ومسمع فان نكثه أبرمت قواه وان أبرمه فصمت عراه بغرب مقول لا يفل حده وأصالة رأى كمتاح الاجل لا وزر منه أفرى به أديمه وأفل به شبا حده واشحذ به عزائم المتقين وأزيح به شبهة الناكثين. فقال عمرو بن العاص هذا والله يا معاوية بزوغ (1) أول الشر وأفول آخر الحقير وفى حسمه قطع مادته فبادره بالحملة وانتهز منه الفرصة واردع بالتنكيل به غيره وشرد به من خلفه فقال ابن عباس يا بن النابغة ضل والله عقلك وسفه حلمك ونطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلى النزال وتكافحت الابطال وكثرت الجراح وتقصفت الرماح وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فكفا نحوك بالسيف حاملا لما رأيت الكر آثر