من الفر وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك وكشفت له خوف بأسه سوأتك حذر ان يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحملته ثم أشرت على معاوية كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعرض لمكافحته رجاء ان تكفى مؤنته وتعدم صورته فعلم غل صدرك وما أنحيت عليه من النفاق أضلعك وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف غرب لسانك وأقمع عوراء لفظك عن أسد خادر وبحر زاخر فإنك ان تعرضت للأسد افترسك وان عمت في البحر غمسك.
فقال مروان بن الحكم يا بن عباس انك لتصر بنابك وتوري نارك كأنك ترجو لغلبة وتؤمل العافية ولولا حلم أمير المؤمنين عنكم لتناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدوره ولعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه ولئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك فقال ابن عباس وانك لتقول ذلك يا عدو الله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أثباجه اما والله لو طلب منى معاوية ثاره لأخذك به ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره، واما قولك لي انك لتصر بنا بك وتوري نارك فاسأل معاوية وعمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات وصدق جلادنا عند المصاولة وصبرنا على اللأواء والمطاولة ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة ومباشرتنا حد الأسنة المشرعة هل جبنا عن كرايم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتألف، وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود وأنهما شهدا ما لو شهدته لأقلقك فاربع على ظلعك ولا نعرض ما ليس لك فإنك كالمقرون في صفد لا تهبط برجل ولا ترقى برجل ولا ترقى بيد، فقال زياد يا بن عباس انى لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوقوف معك على أمير المؤمنين الا ما سولت لهما أنفسهما وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما وأيم الله لو وليتهما لأدبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين