اعتزلتهم قدموك وان ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت، ثم انا الآن أشير عليك برأي ثالث فان قبلته وإلا نالك ما نالك مما كان قبله. انى أرى ان هذا الرجل يعنى عثمان قد اخذ في أمر والله لكأني بالعرب قد سارت إليه حتى ينحر في بيته كما ينحر الجمل والله ان كان ذلك وأنت بالمدينة لزمك الناس به وإذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا بعد شر لا خير معه، قال ابن عباس فلما كان يوم الجمل عرضت له وقد قتل طلحة فقال والله لكأن عمى كان ينظر إلى هذا من وراء ستر رقيق والله ما نلت من هذا الأمر شيئا إلا بعد شر لا خير معه.
وروى أن العباس أوصى عليا في علته التي مات فيها فقال: أي بنى انى مشرف على الظعن إلى الله الذي فاقتي إلى عفوه وتجاوزه أكثر من حاجتي إلى ما أنصحك فيه وأشير عليك به ولكن العرق نبوض والرحم عروض وإذا قضيت حق العمومة فلا تأل بي بعد؟ أن هذا الرجل يعنى عثمان قد ناجاني مرارا بحديثك وناظرني ملاينا ومخاشنا في أمرك ولم أجد منه عليك إلا مثل ما أجده منك عليه ولا رأيت منه لك إلا مثل ما رأيت منك له ولست تؤتى من قلة علم ولكن من قلة قبول ومع هذا كله فالرأي الذي أودعك به ان تمسك عنه لسانك ويدك فإنه لا يبدأك ما لم تبدأه ولا يجبك عما لم يبلغه فان قلت كيف هذا وقد جلس مجلسا أنا صاحبه فقد قاربت ولكن حديث يوم مرض رسول الله صلى الله عليه وآله فات، ثم حرم الكلام فيه حين مات فعليك الآن بالعزوب عن شئ أرادك له رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يتم وتصديت له مرة بعد أخرى فلم يستقم، ومن ساور الدهر غلب ومن حرص على ممنوع تعب، وعلى ذلك فقد أوصيت عبد الله بطاعتك وبعثته على متابعتك وأوجرته محبتك ووجدت عنده من ظني به لك لا توتر قوسك إلا بعد الثقة بها وإذا أعجبتك فانظر إلى سيئتها ثم لا تفوق إلا بعد العلم ولا تفرق في النزع إلا لنصيب الرمية وانظر لا بطرف يمينك