قيل له هذا عليك لأن كل عاقل سمع هذا الكلام قد عقل منه (1) أنه لم ينهه عن إعطاء الدرهم إذا لم يدخلها وأنه إنما جعل الدخول شرطا لاستحقاق هذا الدرهم ومع ذلك فجائز أن يعطيه درهما متبرعا به ونحن نقول أيضا أن الدخول شرط لاستحقاق هذا الدرهم (2) (3) بعينه ولا يستحقه إلا بالدخول لا لأن اللفظ منع الاستحقاق إلا على هذا الوجه لكن من جهة أنه (4) لما كان معلوما أن الاستحقاق غير واقع في الأصل ثم علقه بالدخول أنه مستحق (5) به وإذا لم يدخل (6) فحكمه باق على الأصل في جواز الإعطاء أو (7) تركه فإن قال قائل فما تقولون في قوله صلى الله عليه وسلم في خمس من الإبل السائمة شاة (8) وهل هذا عندكم على أن غير السائمة لا صدقة فيها فإن لم يدل على ذلك فأوجبوا الصدقة في العوامل بقوله صلى الله عليه وسلم في خبر آخر في خمس من الإبل شاة (9) إذ لم يقيدها بشرط السوم قيل له لا فرق بين هذا وبين سائر ما قدمنا من الأشياء المخصوصة بالذكر إذا علق بها حكم وإن هذا لا يدل عندنا على أن غير السائمة لا صدقة فيها وإنما أسقطنا صدقة غير (10) السائمة بدلائل (11) أخر وإلا فلو خلينا والخبرين الذين في أحدهما ذكر السوم وفي الآخر إسقاطه لأوجبنا الصدقة في غير السائمة فإن قال قائل هذا الاعتبار يؤدي إلى اسقاط فائدة التخصيص فالواجب أن يثبت للتخصيص فائدة محددة ولا فائدة فيه إلا دلالته على أن الحكم في غيره بخلافه
(٣١٧)