فلذلك لم تجز مجاوزته وأما قوله تعالى يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر (1) فإنه قد بين حكمه بعد المدة (2) في سياق اللفظ بقوله تعالى فإن فاءوا الله غفور رحيم (3) وإن عزموا الطلاق (4) فلا يجوز بقاء حكم المدة مع حصول أحد هذين المعنيين لأن الفئ وهو الجماع في المدة يسقط التربص (5) إذ لا يمين هناك بعد الخنث وتركها هذه المدة هو عزيمة الطلاق والتربص معه ساقط لا اعتبار به لأنها قد بانت عزيمة فصار حكم ما بعد المدة بخلافه في المدة للدلالة التي ذكرنا لا بتحديد المدة فحسب وقوله تعالى يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء (6) فإنه قد ذكر في الآية ما ينفي أن يكون ما بعده عدة بقوله تعالى بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن (7) وأيضا فإن هذا الضرب من المقادير لا يصح إثباتها إلا من طريق التوقيف أو اتفاق العلماء فلما (8) لم يرد التوقيف إلا بهذه المدة لم يجز إثبات زيادة عليها من غير توقيف أو اتفاق عليها (9) فكذلك (10) هذا في الحدود والعدد وسائر المقادير ومن جهة أخرى في الحدود أن ظهر الانسان محظور في الأصل فلا يجوز استباحته إلا بالمقدار الذي يرد به التوقيف أو يقوم عليه الدليل وإلا فهو باق على أصل الحظر وأيضا فإن جميع ما ذكرت من ذلك وارد في حكم الواجب وصفته فهو واجب (1) لازم وقد أفادت الآية أن هذا المقدار حد يقع موقع الإجزاء فلم يجز الزيادة فيها إلا بنص مثله
(٣١٢)