والاستصحاب أيضا مثل خبر الواحد، مع خفاء فيه، فإن المتيقن بطهارة ثوبه سابقا، الشاك في بقائه لاحقا - مثلا - لم يكن من المصاديق الحقيقية ل (لا تنقض اليقين بالشك) (1)، بل (لا تنقض...) إلى آخره، طريق إلى إثباته.
وأما البراءة الشرعية - مثلا - فلم تكن طريقا لاستكشاف حكم شرعي آخر، بل هي نفس الحكم المتعلق بموضوع المتحير.
وبالجملة: فرق بين خبر الواحد والبراءة، فالأول طريق إلى إثبات حكم لموضوع، بخلاف الثاني، فإنه يثبت البراءة على عنوان المتحير بما هو متحير، والشخص الشاك من مصاديقه، فعلى هذا يلزم خروج مثل البراءة عن مسائل علم الأصول على مقياسه; لعدم كونها طريقا لاستكشاف الحكم الشرعي لموضوع، بل هي نفس الحكم الشرعي، فتدبر.
ورابعا: أنه كما يظهر من جوابه عن الإشكال الثاني (2) - الوارد على مقياس المسألة الأصولية، كما سنشير إليه -: أن المسألة الأصولية عنده لابد وأن تكون مطردة في جميع أبواب الفقه، بخلاف المسألة الفقهية، فإنها مخصوصة بكتاب أو باب دون كتاب أو باب آخر، وذلك مثل قاعدة الطهارة، فإنها مخصوصة بكتاب الطهارة وقاعدة لا تعاد...، فإنها مخصوصة بالصلاة... وهكذا، فعلى هذا لابد وأن يأخذ في تعريف علم الأصول، وقوعها في جميع أبواب الفقه، وإلا تدخل جملة من القواعد الفقهية في المسائل الأصولية.
ثم إن المحقق العراقي (قدس سره) - بعد ما ذكر مقياسا للمسألة الأصولية - قال: إن هنا إشكالين مشهورين على مقياس المسألة الأصولية: