ومثال ما كانت الواسطة حيثية تعليلية عروض الرفع على الكلمة بواسطة الفاعلية، والنصب عليها بواسطة المفعولية... وهكذا، فإن المعروض في الحقيقة فيهما ذات الكلمة والفاعلية والمفعولية من علل مرفوعيتها ومنصوبيتها، لا الكلمة المتخصصة بالفاعلية معروضة للرفع والمتخصصة بالمفعولية معروضة للنصب (1).
أقول: هذا اشتباه منه، فإنه لو سلم ما ذكره فإنما هو في مثل النحو; حيث يمكن أن يفرض ذات الكلمة والرفع وشئ ثالث تكون مرفوعية الكلمة به، وهي الفاعلية.
وأما في العلم الذي يريد به صدر المتألهين (قدس سره) إعطاء ضابطة في تمييز أعراضه الذاتية عن أعراضه الغريبة، فلا; ضرورة أنه لم يكن - ولا يقول به حكيم - أن غير الوجود وماهية العقل شيء ثالث - وهو عقلية العقل - يكون علة لترشح الوجود على ماهية العقل.
والحق: أن مراد صدر المتألهين بتلك العبارة هو ما ذكرنا، فلاحظ وتأمل.
ذكر وإشكال:
قال المحقق الإصفهاني (قدس سره) ما حاصله: إن ما أجاب به صدر المتألهين (قدس سره) وجيه بالنسبة إلى علم المعقول، وتطبيقه على سائر الموضوعات للعلوم لا يخلو عن تكلف، فإن موضوع علم الفقه - مثلا - هو فعل المكلف، وموضوعات مسائله الصلاة، والصوم، والحج... إلى غير ذلك، ونسبة هذه العناوين إلى موضوع العلم كنسبة الأنواع إلى الجنس، وهي وإن كانت لواحق ذاتية له، إلا أن البحث في الفقه ليس عن ثبوتها له، بل يبحث فيه عن أحكام كل واحد من الأنواع، والحكم المضاف إلى كل منها غير الحكم المضاف إلى الآخر، فالبحث في الفقه عن أحكام ماهيات وعناوين