العملية وكيفية تعلقها بفعل المكلف، والبحث عنهما من المباحث الأصولية، بخلاف غيرهما من علم الرجال وما بعده، فإن تلك متمحضة للبحث عن تشخيص الموضوع، كما لا يخفى (1).
أقول: ليت شعري أي فرق بين البحث عن كون الصعيد - مثلا - مطلق وجه الأرض أو التراب الخالص، وبين دلالة الألف واللام على الاستغراق - مثلا - فكما أنه لا يستكشف من البحث في مسألة الصعيد وظيفة عملية بلا واسطة، وإنما يستفاد منها وظيفة عملية مع الواسطة، فكذلك لا يستفاد من دلالة الألف واللام على الاستغراق، فإن كانت المسألة الأصولية لابد وأن تقع في طريق استكشاف الوظيفة بلا واسطة، لزم خروج المسألتين عن علم الأصول، وإن كانت مطلق ما يقع في طريق الاستكشاف ولو مع الواسطة لزم دخول المسألتين في علم الأصول، فإنه كما يستفاد من دلالة الألف واللام على الاستغراق، مقدار الوظيفة وكيفية تعلقها بفعل المكلف، فكذلك يستفاد من مسألة كون الصعيد مطلق وجه الأرض أو التراب الخالص ذلك، فتدبر.
وأما ما ذكره في الإشكال الثاني: من أنه قد ينتقض مقياس المسألة الأصولية بجملة من القواعد الفقهية، مثل قاعدتي ما يضمن بصحيحه وما لا يضمن، وقاعدة الطهارة، وقاعدتي لا ضرر ولا حرج... إلى غير ذلك; إذ كل واحد من هذه القواعد مما يمكن أن تقع في طريق استكشاف الوظيفة العملية (2).
فأجاب عنه بما محصله: أن نتيجة كل مسألة لابد وأن تكون مستعدة بذاتها لأن تقع في طريق استكشاف كل وظيفة عملية من أي باب من أبواب الفقه، كخبر الواحد، فإنه يمكن أن يستند إليه في استنباط الحكم الشرعي في أي باب من أبواب