تنبيهات التنبيه الأول:
ربما يتوهم (1) امتناع تصوير الوضع العام مطلقا; لأن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد - سواء في الخارج، أو في الذهن - وتصور الشيء حضوره ووجوده في الذهن:
إما بإيجاد النفس إياه، أو بانطباع من الخارج، فالمتصور لابد وأن يكون جزئيا، والطبيعة القابلة للصدق على الكثيرين غير قابلة للتصور، فلا يمكن تصور المعنى العام; لأنه بالتصور يصير جزئيا، وتجريد المعنى عن الخصوصيات، أو كون الخصوصيات مغفولا عنها، لا يؤثر في الواقع ونفس الأمر، ولا يغير الواقع عما هو عليه، بل كلما جردت المفهوم عنها فقد حليته، فعلى هذا يمتنع تصوير قسمين من أقسام الوضع، وهما:
1 - كون الوضع والموضوع له عامين.
2 - كون الوضع عاما والموضوع له خاصا.
وفيه أولا: بالنقض في محمولات القضايا; حيث إنها أعم من الموضوعات.
مثلا: المحمول في قضية «زيد إنسان» أعم من الموضوع، فهل يتصور مفهوم الإنسان الأعم، ثم يحمل على زيد أم لا؟
فإن لم يتصور فلا معنى لحمله عليه، وإن تصور فيصير جزئيا، فما تستريحون إليه في محمولات القضايا نستريح إليه في الوضع.
وثانيا: بالحل، وهو أن تصور شيء قد يكون وسيلة لتصور غيره عرضا، فيوضع اللفظ للمتصور بالعرض، فكما أن الموجود الخارجي نحو وجود للشيء، فكذلك تصوره أيضا نحو وجود له وباللحاظ، وإن يصير المفهوم الكلي جزئيا