الأمر الثامن في العلائم التي يمتاز بها المعنى الحقيقي عن المجازي لتنقيح موضوع البحث ينبغي تقديم أمرين:
الأمر الأول: أن غالب العلائم التي تذكر لم تكن علامة كون اللفظ موضوعا للمعنى الحقيقي، بل علامة أن بين اللفظ والمعنى رابطة; بحيث لو ألقي اللفظ لفهم منه ذلك المعنى بدون القرينة; وذلك لأنه كما يحصل المعنى الحقيقي بالوضع - وهو كما ذكرنا جعل اللفظ للمعنى - فكذلك يحصل بكثرة الاستعمال، وقد أشرنا: أن ما يحصل بكثرة الاستعمال الكذائي هو مقابل الوضع; لأن الوضع لا يعتريه التعين، بل هو قسم واحد، وهو التعيين، فمعنى كون التبادر - مثلا - علامة: هو أنه علامة للرابطة الاعتبارية بين اللفظ والمعنى - سواء كانت الرابطة حاصلة بالوضع، أو بكثرة الاستعمال إلى أن استغنت عن القرينة - لا علامة كون اللفظ موضوعا للمعنى.
نعم لو كان تنصيص أهل اللغة من العلائم - بأن قال أهل اللغة: إن اللفظ الفلاني وضع تعيينا لذلك المعنى - يصح أن يكون ذلك من علائم كون اللفظ موضوعا له، فتدبر واغتنم.