وثانيا: أن العام كما يكون آلة ووجها للخاص بوجه، فأمكن وضع اللفظ للخاص، فكذلك ربما يكون الخاص آلة ووجها للعام ولو بوجه، كما في صورة الغفلة عنه.
وبالجملة: الوضع العام والموضوع له الخاص وعكسه، يشتركان في إمكان الوضع وامتناعه، فالتفريق بينهما بإمكان أحدهما دون الآخر لا يرجع إلى محصل.
وأما ما ذكره العلم الثالث ففيه:
أولا: أن قاعدة عدم كون الجزئي كاسبا ولا مكتسبا (1)، أجنبية عن باب الوضع، بل جارية في باب المعرف والمعرف.
وحاصلها: أن الجزئي حيث يكون مقرونا ومشوبا بالخصوصيات، فلا يحكي عما وراء نفسه، فلا يصلح أن يكون معرفا وقولا شارحا لأمر، ولا معرفا ومكتسبا من شيء، فأنى لها ولباب الوضع؟!
وثانيا: لو انطبقت القاعدة على باب الوضع، فلابد وأن يمنع عكس الفرض - وهو ما إذا كان الوضع عاما والموضوع له خاصا - فإنه على زعمه (قدس سره) يكون الجزئي مكتسبا، مع أنه لا يقول به، فتدبر.
تذكرة:
ثم إن الوضع العام والموضوع له الخاص يتصور على نحوين:
الأول: أن يتصور ويلاحظ مفهوما عاما في الذهن، ويضع اللفظ لمصداقه بجميع خصوصياته ولوازمه المكتنفة به، فالموضوع له الطبيعة الملازمة للخصوصيات، ولازم هذا النحو من الوضع - لو كان موجودا - هو حضور الخصوصيات واللوازم بمجرد