لا يتحقق في الخارج إلا بنفس استعمال اللفظ فيه، فيتأخر عن الاستعمال فيه طبعا، أو بملاك العلية والمعلولية، ولا ريب في أن المستعمل فيه تقدم على الاستعمال بالطبع، فإذا كان هذا الموجود الناشئ من نفس الاستعمال هو المستعمل فيه، لزم أن يكون هذا الوجود الجزئي - في آن واحد - متقدما رتبة على الاستعمال، ومتأخرا عنه رتبة، وهو خلف.
وبالجملة: يلزم تقدم الشيء على نفسه (1).
وفيه: أن تحقق المعنى الخارجي بالاستعمال مسلم، ولكن لا دليل على أن استعمال اللفظ في المعنى لابد وأن يكون متأخرا عن المعنى، وأظن أن منشأ توهم ذلك هو قولهم: استعمال اللفظ في المعنى (2)، فتوهم أنه يلزم أن يكون المعنى شيئا ليستعمل فيه; قضاء لحق الظرفية، مع أن الاستعمال طلب عمل اللفظ في المعنى، وإلقاء اللفظ لإفهام المعنى، والمعنى لا يخلو: إما أن يكون حكائيا، أو إيجاديا.
ذكر وتعقيب:
ثم إن المحقق العراقي (قدس سره) ذهب إلى أن جميع معاني الحروف إخطارية موضوعة للأعراض النسبية.
وحاصل ما أفاده: هو أن العرض على قسمين: قسم غير نسبي، وهو الكم والكيف، والآخر نسبي، ومعنى العرض النسبي هو أن يتوقف على وجود الطرفين، كالأعراض السبعة الباقية، فللحرف وجود رابطي - أي محمولي - وهيئة الجملة تدل على ربط العرض بموضوعه; أي وجود رابط، مثلا: لفظة «في» تدل على العرض الأيني العارض على زيد في قولك: «زيد في الدار»، وهيئة هذه الجملة تدل على ربط