الأمر الثاني في الوضع والكلام فيه يقع في جهات:
الجهة الأولى: في الواضع والمحقق النائيني (قدس سره) بعد أن نفى كون دلالة الألفاظ على معانيها بالطبع، كما ينسب (1) إلى عباد بن سليمان، واستحال أن يكون ذلك بالتعهد من شخص واحد كيعرب بن قحطان أو غيره; لعدم تناهي الألفاظ والمعاني، فيستحيل إحاطة البشر بها، قال: إن حكمته تعالى لما اقتضت تكلم البشر لإبراز مقاصدهم بالألفاظ، فلابد من انتهاء كشف الألفاظ لمعانيها إليه تعالى، الذي هو على كل شيء قدير وبكل شيء محيط، ولكن وضعه للألفاظ على معانيها ليس كوضعه تعالى الأحكام على متعلقاتها وضعا تشريعيا، ولا كوضعه الكائنات وضعا تكوينيا، بل أمرا متوسطا وبرزخا بين الجعل التشريعي والجعل التكويني.
وبالجملة: لابد من انتهاء دلالة الألفاظ على معانيها إليه تعالى: إما بوحي منه إلى نبي من الأنبياء، أو بإلهام منه إلى البشر، أو بإيداع ذلك في طباعهم; بحيث أصبحوا