ولأجل توجه الإشكال على مقال المشهور عدل صاحب الفصول (قدس سره) عن مقالهم، وقال: إن موضوع علم الأصول ذوات الأدلة بما هي هي، فيكون البحث عن حجية الأدلة بحثا عن عوارض الأدلة، فيكون البحث فيها من المسائل الأصولية (1).
ولا يخفى أن ما أفاده (قدس سره) وإن كان سليما عن الإشكال الأول; لأن البحث عن تلك المسائل على هذا يكون بحثا عن عوارض الأدلة، إلا أن الإشكال الثاني وارد عليه; لعدم اختصاص تلك المباحث بالأدلة الأربعة، فيكون البحث حولها من عوارض ذلك الكلي.
ثم إنه أشكل على مقال المشهور وظاهر ما في «الفصول» بأن السنة عبارة عن نفس قول المعصوم وفعله وتقريره، ومن الواضح أن البحث في خبر الواحد وجملة من مسائل باب التعارض - مثلا - لا يكون بحثا عن عوارض الأدلة; لا بما هي هي، ولا بما هي أدلة:
أما عدم كون البحث فيها عن الكتاب والإجماع والعقل فواضح، ولم يكن البحث فيها عن السنة أيضا; بداهة أن خبر الواحد أو أحد الخبرين المتعارضين ليس نفس السنة: حتى يكون البحث عن عوارضها، بل حاك عن السنة، فلا يرجع البحث في حجية خبر الواحد، أو أحد الخبرين المتعارضين، إلى عوارض السنة (2).
تصدى شيخنا الأعظم الأنصاري (قدس سره) لدفع الإشكال عن مقال المشهور: بأنه يمكن إرجاع البحث في هاتين المسألتين وما شابههما، إلى البحث عن أحوال السنة وعوارضها; لأن مرجع البحث فيهما - حقيقة - إلى البحث عن ثبوت قول المعصوم أو فعله أو تقريره بخبر الواحد في مسألة حجية خبر الواحد، أو بأحد الخبرين المتعارضين في الخبرين المتعارضين، فيكون الموضوع في المسألة - حقيقة - نفس