فإذا مسائل علم الفقه تشترك في أنها يبحث فيها عن قوانين إلهية ووظائف مقررة للشاك، سواء كان لها موضوع واحد أو محمول كذلك، يتحد مع موضوعات مسائله ومحمولاته، أم لا.
وهم ودفع ربما يتشبث لإثبات وحدة موضوع العلم، من طريق وحدة الغرض المترتب عليه بقاعدة الواحد; بتقريب: أن الواحد لا يصدر إلا من الواحد، وهذه القاعدة وقاعدة الواحد لا يصدر منه إلا الواحد قاعدتان مبرهن عليهما في محله (1).
والقاعدة الأولى تجري في ناحية وحدة المعلول; بمعنى أنه إذا كان المعلول واحدا يستكشف منه أن علته واحدة، كما أن القاعدة الثانية تجري في ناحية وحدة العلة; بمعنى أنه إذا كانت العلة واحدة يستكشف منها أن معلولها واحد.
وعليه فحيث إن الغرض المترتب على كل علم أمر واحد - كصون اللسان عن الخطأ في المقال في علم النحو، وصون العقل عن الخطأ في الفكر في علم المنطق...
وهكذا في غيرهما، فلما كانت موضوعات مسائل العلم متعددة - فيستكشف من وحدة المعلول وجود جامع بين موضوعات المسائل وإن لم نعلمه بعنوانه.
وبعبارة أخرى: الغرض من المسائل المتشتتة - المعدودة علما واحدا - واحد، وموضوعات المسائل كثيرة، فمع ملاحظة عدم جواز صدور الواحد عن الكثير، فلابد من تصوير جامع في البين; ليترتب عليه الغرض الواحد، وهو موضوع العلم (2).
وفيه: أنه لا يستقيم الاستدلال بالقاعدتين في أمثال المقام، كما لا يخفى على من له إلمام بعلم المعقول، فإن القاعدتين مأخوذتان من الحكماء، وهما قاعدتان عقليتان،