جواهر الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للنگرودي - ج ١ - الصفحة ٦٤
ورابعا: أنه لم يقيد الأحكام بالكلية، فتشمل القاعدة الفقهية، التي يستنبط منها أحكام جزئية.
والقول: بأن اللام فيها للعهد، وهو الأحكام الكلية غير مسموع; لما أشرنا إليه: من أنه لابد وأن تؤخذ في ظاهر التعريف.
قال المحقق النائيني (قدس سره): ينبغي تعريف علم الأصول: بأنه العلم بالكبريات التي لو انضمت إليها صغرياتها يستنتج منها حكم كلي (1).
ولا يخفى أن هذا التعريف هو تعريف المشهور، لكنه بعبارة أخرى; حيث بدل القواعد بالكبريات، والاستنباط بالاستنتاج، فما كان يرد على تعريف المشهور: من خروج الظن على الحكومة، وخروج الأصول العملية في الشبهات الحكمية عن المسائل الأصولية، يتوجه على هذا التعريف أيضا، كما يتوجه على هذا التعريف أيضا ما أورد على تعريف المشهور: بأن علم الأصول نفس الكبريات لا العلم بها (2).
ويتوجه على هذا التعريف دخول بعض القواعد الفقهية في المسائل الأصولية كقاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده»، وعكسها.
والعجب منه (قدس سره) كيف عرفه بذلك، مع أن إشكال المحقق الخراساني (قدس سره) على تعريف المشهور (3)، كان بمرأى منه ومسمع؟!
وقال (قدس سره) - في أوائل الاستصحاب - في الفرق بين المسألة الأصولية والقاعدة الفقهية كلاما لا يخلو عن غرابة، فليراجع (4).

١ - فوائد الأصول ١: ٢٩.
٢ - نهاية الأفكار ١: ١٩، حقائق الأصول ١: ١٥.
٣ - كفاية الأصول: ٢٣ - 24.
4 - قلت: وإليك حاصل ما أفاده (قدس سره) هناك في الفرق بين المسألة الأصولية والقاعدة الفقهية: وهو أن المسألة الأصولية هي ما تقع كبرى لقياس استنباط الحكم الشرعي الكلي - سواء كان واقعيا أو ظاهريا - ولا يتعلق بعمل آحاد المكلفين ابتداء إلا بعد تطبيق النتيجة على الموارد الخاصة الجزئية.
وأما القاعدة الفقهية فهي وإن تقع كبرى لقياس الاستنباط، إلا أن النتيجة فيها إنما تكون جزئية; تتعلق بعمل آحاد المكلفين بلا واسطة; أي لا تحتاج في تعلقها بالعمل إلى مؤنة أخرى، كما هو الشأن في نتيجة المسألة الأصولية (أ). انتهى كلامه ملخصا.
ولعل وجه الغرابة هو ما تقدم: من أن بعض المسائل الفقهية لم يكن وظيفة للمكلف في مقام العمل، كمسألة طهارة الماء والأرض، ونجاسة الكلب والخنزير، ومسألة الضمان والنصاب... إلى غير ذلك من الأحكام الكلية الإلهية التي لم تكن من وظائف المكلف في مقام العمل.
وما تقدم من أن قاعدة «ما يضمن» وعكسها قاعدة فقهية، ولو انضم صغراهما إليهما لاستفيد منه الحكم الكلي.
وقد ذكر (قدس سره) هناك في آخر كلامه - في الفرق بين المسألتين - ما يرجع إلى ما حكيناه عن الشيخ (قدس سره)، فقال: إن نتيجة المسألة الأصولية إنما تنفع المجتهد، ولا حظ للمقلد فيها، ومن هنا ليس للمجتهد الفتوى بمضمون النتيجة، وأما النتيجة في القاعدة الفقهية فهي تنفع المقلد، ويجوز للمجتهد الفتوى بمضمون النتيجة، ويكون أمر تطبيقها بيد المقلد (ب). فيتوجه عليه ما يرد على مقال الشيخ (قدس سره)، فلاحظ. المقرر - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - أ - فوائد الأصول 4: 308 - 310.
ب - نفس المصدر السابق.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست