الوحدة والتعدد فيهما تابعان للموارد، فقد يوجب ذلك التعدد، كما في العلة والمعلول، وقد لا يلزم التعدد، كما في العاقل والمعقول، إلا أن ما نحن فيه من قبيل الأول; لأن الدلالة: عبارة عن الانكشاف والهداية، ولا يعقل أن يكون شيء واحد كاشفا وهاديا لنفسه; للزومه كشف المنكشف، فاللفظ الذي ينطبق به المتكلم لابد وأن يكون كاشفا، فلو اعتبر هداية نفسه إلى نفسه لزم ذلك; أي كشف المنكشف، وهو غير معقول، نظير إيجاد الشيء نفسه في العلة والمعلول، فلابد من التغاير الحقيقي، فضلا عن الاعتباري.
إذا أحطت خبرا بما ذكرنا يظهر لك ضعف ما ذكره بعض الأعلام.
ولعل المراد بقوله (عليه السلام): (يا من دل على ذاته بذاته)، ونحوه من الكلمات المروية عنهم (عليهم السلام) ما قاله الشيخ الصدوق (قدس سره): من أن الاستدلال بكل طريق إليه تعالى إنما بمنه وفضله، فالدال غير المدلول، إلا أن المدلول دل على نفسه بإيجاد ما يهدي إليه، وبهذا الاعتبار يقال: إنه تعالى دل على نفسه، وإلا فالدال هو الأثر، والمدلول هنا هو المؤثر (1) (2).
ذكر وتعقيب ثم إن المحقق الإصفهاني (قدس سره) تصدى لتوجيه ما في «الكفاية» بوجه دقيق، ولكنه مع ذلك لا يخلو عن تكلف وإشكال.
وإليك حاصل ما أفاده: وهو أن الإرادة والشوق لا يتعلقان بما هو خارج عن صقع النفس; لأن الشوق المطلق لا يوجد في النفس، بل يوجد متقوما بمتعلقه، ولا يعقل أن يكون الخارج عن أفق النفس مقوما لما في النفس، وكذلك لا يتعلقان