الفقه، وتلك القواعد لا تكون بهذه المثابة، بل كل واحدة منها مختصة بباب من أبواب الفقه لا تتجاوزه إلى غيره، كقاعدة الطهارة; فإنها مختصة بباب الطهارة، ولا يمكن أن يستفاد منها في باب الصلاة... وهكذا غيرها من القواعد.
وتوهم: أن هذا إنما يتم في غير قاعدتي الضرر والحرج، وأما هما فيمكن أن تقعا في طريق استكشاف أي وظيفة عملية تفرض في أي باب من أبواب الفقه، فيلزم أن تكونا من المسائل الأصولية.
مدفوع: بأنهما لا تقعان إلا لتشخيص الحكم الجزئي منهما، ولا يقع شيء منهما في طريق استكشاف الوظيفة الكلية، كما هو شأن المسألة الأصولية.
نعم في موردين يستند إليهما في تحديد الحكم الكلي: وهما مسألة لزوم الفحص عن دليل الحكم للرجوع إلى الأصول العملية، ومسألة الانسداد، فإنه يحدد بهما الحكم الكلي من وجوب الفحص ولزوم الاحتياط، وأما في غير تينك المسألتين فإنما يحدد بهما الحكم الجزئي في مورده (1).
وفيه: أن الضابط الذي ذكره إنما ينطبق على بعض المسائل الأصولية; لأن جملة من المسائل الأصولية لم تكن بتلك المثابة، مثل مسألة أن النهي في العبادة موجب لفسادها أم لا؟ مسألة أصولية، مع أنها لا تقع في غير باب العبادات، وكذا مسألة أن الأمر بشيء هل يقتضي النهي عن ضده أم لا؟ مسألة أصولية، مع أنها لا تجري فيما إذا كان هناك نهي، ومسألة اجتماع الأمر والنهي مسألة أصولية، ولا تجري في باب الضمانات والديات، ومسألة مقدمة الواجب لا تجري فيما لم يكن هناك أمر، أو كان هناك أحكام وضعية، مثل كتاب الإرث إلى غير ذلك، فالفرق بين المسألة الأصولية والقاعدة الفقهية بما ذكره لا يرجع إلى محصل (2).