التقريب الثاني:
أفاده بعض الأعاظم دام ظله (1)، وأراد بذلك إثبات أن الاطراد وعدمه علامتان للحقيقة والمجاز; بنحو لا يرد عليه ما أورده المحقق القمي وصاحب الكفاية (قدس سرهما)، فإنهما أوردا على كون «عدم الاطراد» علامة للمجاز ما حاصله:
أنه إن أريد بعدم الاطراد في المجاز عدم اطراد الاستعمال بالنسبة إلى نوع العلاقة فتمام; لأن المرخص فيه في باب المجاز ليس هو الاستعمال بالنسبة إلى نوع العلاقة، بل باعتبار بعض الأصناف منها، فإنه لا يطلق الأب على الابن مع وجود نوع السببية فيه.
وإن أريد عدم الاطراد بالنسبة إلى الصنف المرخص فيه; بأن كانت العلاقة فيها من أظهر خواص المعنى الحقيقي، كالشجاعة - مثلا - في الأسد، فالمجاز أيضا مطرد مثل الحقيقة; لصحة الاستعمال في كل مورد وجد فيه هذا الصنف من العلاقة (2).
فتصدى دام ظله لتصحيح جعل الاطراد وعدمه علامتين; بنحو لا يتوجه عليه إيراد العلمين بما حاصله:
أن اللفظ - في الاستعمال المجازي - أيضا استعمل فيما وضع له، غاية الأمر يكون المراد الجدي في الاستعمال الحقيقي عين الموضوع له حقيقة، وفي الاستعمال المجازي يكون عينه أو فرده ادعاء وتنزيلا، وجميع المجازات ولطافتها مستندة إلى هذا الادعاء، ف «الأسد» في قولك: «رأيت أسدا يرمي» لم يستعمل إلا في الحيوان المفترس، غاية الأمر أنه توسط في البين ادعاء كون زيد الشجاع من أفراده، فهذه القضية تنحل إلى قضيتين يحتاج الإخبار في كل منهما إلى جهة محسنة، مفاد إحداهما: تعلق الرؤية برجل يرمي، ومفاد الاخرى: كون هذا الرجل بالغا في الشجاعة حدا يصح جعله من