مصنوعاته ومخترعاته، كثرت لغاته; وذلك لما نرى بالعيان في عصرنا الحاضر من كثرة الاختراعات الجوية والبحرية والبرية بعرضها العريض بحيث لم ينقدح في ذهن من كان في القرن السابق، فضلا عن القرون السابقة; وطبعا وضعت لتلك المخترعات ألفاظا، ومن الواضح أن الواضع لها لم يكن شخصا واحدا، بل أشخاصا متعددة يضعون الألفاظ لها بحسب المناسبات، مثلا من يخترع شيئا يضع اسمه أو اسم من يحبه مثلا، ومن أ لف كتابا يسميه بأي اسم شاء، ومن أحدث شارعا أو سوقا أو حيا يسميها بما يريد، ومن يولد له ولد فيضع له اسما يحبه... إلى غير ذلك.
وهكذا كان حال البشر في القرون السابقة، خصوصا في حياته الأولى الساذجة التي كانت حوائجه فيها قليلة وارتباطاته يسيرة; لذا كانت الألفاظ التي يحتاجها في استعمالاته قليلة جدا، يمكن أن يضعها شخص واحد.
ولكن مع ذلك يمكن أن يقال: إن في العصر الحجري أيضا لم يكن واضع الألفاظ المتداولة بينهم شخصا واحدا، بل أشخاصا ورجالا متعددين حسب احتياجاتهم.
وثانيا: أن لازم ما ذكره - من عدم تناهي الألفاظ والمعاني - هو أن يكون وحيه تعالى للنبي أمورا غير متناهية، وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبلغ أمور غير متناهية إلى البشر، وهو كما ترى.
وثالثا: أن لازم وجود المناسبة بين الألفاظ ومعانيها، يقتضي التركيب في ذاته المقدسة البسيطة من جميع الجهات، التي لا تشوبها شائبة التركيب أصلا، فإن له تعالى الأسماء الحسنى، فإن كان لكل من أسمائه الحسنى رابطة ومناسبة بين اللفظ والمعنى، يلزم تحقق الجهات المختلفة في ذاته المقدسة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ورابعا: أنه يتوجه على الوجه الآخر الذي ذكره: بأن غاية ما تقتضيه هي لزوم خصوصية ومناسبة في البين، ولا يلزم أن تكون الخصوصية في ذاتي اللفظ