وأما من تكون وظيفته تعيين الألفاظ ومداليلها - كأرباب اللغة والأدب - فلا يبعد أن يكون عندهم الوضع والموضوع له عامين، فإنه يلاحظ في الضارب - مثلا - معنى قيام الضرب بفاعل ما، ويضع لفظ «الضارب» لذلك المعنى الكلي، والله العالم.
الجهة الثانية في وضع الأعلام الشخصية إن المشهور مثلوا للوضع والموضوع له الخاصين بالأعلام الشخصية، زاعمين بأن الموضوع له فيها هو الموجود المتشخص (1).
ولكن المتراءى في النظر أنه لا يكون كذلك; بداهة أنه لو كان الموضوع له هو الموجود المتشخص، لزم أن تكون قضية «زيد موجود» - مثلا - قضية ضرورية; لأن ثبوت ذات الشيء وذاتياته له بديهي، مع أنه لم يكن كذلك، ولزم أن تكون قضية «زيد معدوم» تناقض; لأن الموجود قد أخذ جزءا للموضوع حسب الفرض، فالموضوع بجزئه يطرد العدم، فكيف يحمل عليه؟! ولزم أن تكون قضية «زيد: إما موجود أو معدوم» محمولة على التسامح والمجاز; لاحتياجها بالفرض إلى عناية التجريد، مع أن الوجدان حاكم بعدم الفرق بين هذه القضية وقضية «زيد قائم».
والذي يناسب الذوق السليم والارتكاز المستقيم، هو أن يقال: إن الموضوع له في الأعلام الشخصية هو الماهية المتشخصة، مثلا: لفظة «زيد» وضعت لماهية هذا الموجود الخارجي، وواضح أن ماهية «هذا» كلية لا تنطبق إلا على هذا الفرد، وماهية الوجود غير حقيقة الوجود، فهي قابلة للوجود أو العدم، فيقال: «ماهية زيد لم تكن