واحد، وأخرى أشخاص كثيرون، ولم يستعمل في الصورة الثانية في الجامع والكلي، كما لم يستعمل في الصورة الأولى فيه، بل المستعمل فيه فيهما شخص النداء. نعم في الصورة الثانية يكون متعلق النداء أكثر من واحد، وكم فرق بينهما، كما لا يخفى؟!
ويشهد لما ذكرنا أن الراعي لقطيع من الغنم - مثلا - يحركها برمتها، أو يوقفها كذلك بصوت ونداء واحد، كما لا يخفى.
وبالجملة: لم يكن المستعمل فيه في مثل: «يا أيها الناس» هو الجامع بين الأفراد والكلي، بل فرد منها ينحل بنظر العرف إلى الأفراد، نظير انحلال الحكم الواحد - المنشأ بإنشاء واحد - إلى أحكام عديدة; لما سيجيء في محله: من أن الخطاب الواحد المتوجه إلى العموم لا ينحل إلى خطابات كثيرة حسب تعدد المخاطبين، كما ربما توهم (1)، بل خطاب واحد إلى الكثيرين.
وإن أبيت عما ذكرنا فنقول: إن المستعمل فيه في تلك الموارد هو نفس الأفراد; من باب استعمال اللفظ الواحد في الأكثر من معنى واحد; لما سيجيء قريبا من جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فارتقب.
المورد الثاني:
في مثل قولنا: «كل عالم في الدار» حيث استعملت لفظة «في» في طبيعة الإضافة الظرفية القائمة بالدار وهؤلاء الكثيرين، وواضح أن هذا ليس إلا كليا (2).
وفيه: أن التأمل الصادق في مثل ما ذكر أيضا يعطي بأن لفظة «في» لم تستعمل في الكلي، بل استعملت في فرد ينحل بنظر العرف إلى الأفراد; وذلك لأن لفظة «العالم» تدل على المتلبس بالمبدأ، ولفظة «كل» تدل على الكثرة الإجمالية، وإضافة «الكل» إلى