الآخر، ويعتبر في الدلالة الالتزامية اللزوم بين المعنى الموضوع له وذلك اللازم، ودلالة اللفظ على المعنى الالتزامي بعد دلالة اللفظ على المعنى المطابقي; لأن دلالة الالتزامي من باب دلالة المعنى على المعنى; بدلالة اللفظ على المعنى، فلا يعقل بمجرد ذكر اللفظ فهم اللازم - سواء كان اللازم لازما بينا أو لا - والملزوم في عرض واحد; أو فهم اللازم منه مقدما على الملزوم، بل فهم ذلك اللازم بعد فهم المعنى من اللفظ; وهكذا الحال في عوارض الشيء.
وهذا غير باب انتقال الذهن من اللازم إلى الملزوم; وذلك لأن من البرهان برهان الإن، والانتقال فيه من ناحية المعلول إلى العلة، فيمكن تصوير اللازم أو المعلول أولا، ثم الانتقال منه إلى الملزوم والعلة.
نعم: قد يوجب أنس الذهن وتكرر وقوعه على مشاعر النفس غفلة عن الوسط، مثل أنه ينتقل من لفظة «الشمس» الموضوعة لجرم مخصوص إلى الحرارة أو الضوء الملازمين لها مع الغفلة عن الشمس.
وكذا بالنسبة إلى مصاديق المعنى، فإن لفظ «الإنسان» - مثلا - وضع للطبيعة اللابشرط، ومع ذلك لو ألقي ذلك اللفظ ينتقل الذهن منه إلى مصاديق تلك الطبيعة، ولكن لا يضر ذلك بما نحن بصدده، من أنه لابد في انتقال الذهن من اللفظ إلى اللوازم، وإلى مصاديق الطبيعة; من توسط المعنى الملزوم ونفس الطبيعة، وكذا بالنسبة إلى لوازم وجود الهيئة.
والسر في ذلك: هو أن دلالة اللفظ على المعنى - بعد ما لم تكن ذاتية - لم تكن جزافية، بل هي مرهونة بالوضع، والمفروض أن اللفظ لم يوضع إلا للمعنى الملزوم، لا اللازم.
فعلى هذا إذا كان الموضوع له للفظة «الصلاة» - مثلا - معنى مبهما، فلا يمكن أن يعرف ويبين بما يكون من لوازم ذلك المعنى المبهم، أو لوازم وجوده; لأن فهم المعنى