مقنن - يريد شمول قانونه لكل من يكون في حيطة تصرفه ونفوذه، مع اختلاف حالاتهم ووجود أصناف مختلفة بينهم، فحكمة الوضع تقتضي أن لا يضع لفظة «الصلاة» - مثلا - للتام الجامع من حيث الأجزاء والشرائط، بل للجامع بينه وبين الفاقد لها; لئلا يتوهم اختصاص أحكامها بالواجد لها حتى يثبت خلافه، فلو كانت لفظة «الصلاة» - مثلا - موضوعة لما يأتيه المختار من جميع الجهات، فيتوهم من قوله (عليه السلام): (لا صلاة إلا بطهور) (1) - مثلا - اعتبار الطهارة في صلاة المختار فقط، إلا أن يثبت بدليل - من إجماع أو غيره - اعتبارها في غير الجامع أيضا، وأنت خبير بأنه طريق صعب يشبه الأكل من القفاء، بخلاف ما إذا وضعت لفظة «الصلاة» للجامع فإنه سهل لا تكلف فيه، والشارع الحكيم - بل كل مقنن خبير - لا يختار ما يكون صعبا مع وجود ما يكون سهلا.
وبالجملة: حكمة الوضع تقتضي وضع التكاليف والقوانين لجميع آحاد المكلفين مع ما لهم من الحالات المختلفة، وبدليل آخر - مثل (رفع ما لا يعلمون وما اضطروا عليه...) (2) إلى غير ذلك - يسقط اعتبار بعض الشرائط والأجزاء عن بعضهم.
ولا تتوهم مما ذكرنا: أنا نريد بهذا البيان إثبات كون الوضع للجامع، بل نريد بذلك المناقشة في مقالة الشيخ وأتباعه: بأن حكمة الوضع للجامع، أولى وأحسن من الوضع للتام من حيث الأجزاء والشرائط والمختار من جميع الجهات.
ورابعا: أنا لم نفهم مراده (قدس سره) من قوله: إن إطلاق اللفظ على الناقص - الذي يترتب عليه أثر التام - إطلاق تسامحي مغفول عنه; لأنه إذا وضع للتام - كما هو المفروض - ونزل الناقص منزلته، يكون مجازا عقليا لا حقيقة، فهل يريد إثبات أمر